ظهور صفات المعصومين في زينب سلام الله عليها
هناك خصوصيات لزينب هي نفس خصوصيات فاطمة الزهراء عليها السلام.
1- الولاية والقدرة التكوينية حيث إشارت بيدها إلى الناس وهي في الكوفة فارتدَّت الأنفاس وسكنت الأجراس وهذا يدل على سيطرتها التكويني على كلِّ شئ.
2-العلم اللدني الذي اكتسبته زينب عليها السلام من الإمام الحسين عليه السلام وهو علم الإمامة، قال عنها الإمام زين العابدين عليه السلام فقد كانت "عالمة غير معلمة" وقد ظهر كلّ شئ في خطبتها العظيمة في الكوفة والجدير بالذكر أن الزهراء عليها السلام أخذت ابنتها زينب إلى المسجد وخطبت الخطبة الفدكيةو كانت زينب عليها السلام آن ذاك في السابعة من عمرها ، فكيف استطاعت أن تحفظ الخطبة بأكملها وتنقلها إلى الآخرين حتى تصل إلينا؟ فلولا اتصالها بالغيب لما استطاعت زينب أن تنقل هذه الخطبة الغراء ذات المحتوى العميق!
وكأن الزهراء عندما خطبت كانت تقول لزينب بلسان حالها أن اسمعي الخطبة جيدا لأنك أنت أيضا سوف تخطبين بنفس الأسلوب وأنت بالكوفة ، وهذا ما حدث حيث خطبت زينب في الكوفة بنفس النمط كما هو واضح لكل من يتعمق في الخطبتين ويقايسهما معاً ، وكأن الزهراء هي التي تكلمت في الكوفة فالعبارات متقاربة والنسق واحد.
ولكن هناك فرق كبير بين الموقفين:
فعندما دخلت الزهراء إلى المسجد وخطبت كانت تخاطب المهاجرين والأنصار والأرضية كانت مهيّأة لبنت رسول الله ، أما زينب عليها السلام فكانت تعدُّ أسيرة فالمخاطبون هم أعدائها الذين قتلوا أولادها وأخوتها ، ولكنها مع ذلك استطاعت أن تسيطر على المجلس سيطرة كاملة، ورغم أنه ينبغي للخطيب أن يمركز جميع مشاعره وحواسه ليتمكن من توضيح مقصوده إلا أن زينب عليها السلام وبعد تلك المصائب العظيمة استطاعت أن تتحدَّث وبكل شجاعة وصلابة ،وهذا يدل على ارتباطها المعنوي بعالم الملكوت الأعلى كما كانت أمها الزهراء، فزينب عليها السلام رغم أنها كانت تلعنهم وتتهجم عليهم وتعاتبهم والمفروض أن ينفروا ويبتعدوا من خطابها إلا أنهم انقلبوا على ما كانوا عليه وخاطبوها بقولهم " والله إن شبابكم هو خير الشباب" كل ذلك يدلُّ على قوة روحها سلام الله عليها ولنعم ما قال آية الله العظمى الشيخ محمد حسين الإصفهاني في أرجوزته:
ولِّيتُ وجهى شطرَ قبلةِ الورى
ومن بها تشـرفتْ أُمُ القـرى
قطبُ محيـطِ عـالمِ الوجـودِ
في قوسيِ النـزولِ والصـعودِ
ففي النـزولِ كعبـةُ الرزايـا
وفي الصـعودِ قبـلةُ البرايـا
بل هيَ بـابُ حطـةِ الخطايـا
ومـوْئـلُ الهباتِ والعطـايـا
أمُ الكتابِ في جـوامـعِ العـلا
أمُ المصـابِ في مجامعِ البـلا
رضيـعةُ الوحىِ شقيقةُ الهـدى
ربيـبةُ الفضـلِ حليفةُ النـدى
ربـةُ خدرِ القـدسِ والطـهارة
في الصونِ والعفافِ والخـفارةِ
فإنـها تـمثـلُ الكنـزَ الخـفي
بالسـترِ والحيـاءِ والتعـفـُّفِ
تمثِّـلُ الغيـبَ المصونَ ذاتـها
تعـربُ عنْ صـفاتِهِ صـفاتها
سلامي